طوني فرنجية – قصَّة توبة وتغيير
أنا من زغرتا، وهي بلدة سكّانها من المسيحيين. ترعرعت في أيام الحرب، فنشأت في جو من الحقد، إذ ساد التحزّب والتعصُّب الديني، بالإضافة إلى أجواء كثر فيها الشرب والقمار والتهريب. كبرت على أمل أن أصِل إلى هذه الأهداف عينها. وهكذا بدأت تدريجيًا بشرب الدخان والويسكي، فكان كلّ فرحي بالملذات، لدرجة أنه لم يعُد القليل يكفيني، بل في سن السادسة عشرة صرت أرتاد النوادي الليلية وأسكر وأعيش حالة من الزنى.تعبت كثيرًا وحاولت إيجاد حلٍّ يريحني. لذا فكرت بالزواج لعلِّي أجد فيه ما يسعدني. تزوجت في سن التاسعة عشرة وصمّمتُ أن أسير باستقامة، معتقدًا أنَّني بقوّتي أستطيع أن أتغلّب على ماضيَّ فأبتعد عن الشر. عملت في مجال التجارة، ولكن بعد سنتين ما لبثت أن أفلست، الأمر الذي زادني تعبًا فالتجأت مجدّدًا إلى حياة القمار والسهر والاستدانة بالفائدة. وما زاد الطين بلة كما يقولون أنَّ الطَّمع بدأ يسود في حياتي، فما عاد الربح المعقول يكفيني. فانتقلت من الدَّين بالفائدة إلى التقرّب من المخدِّرات والسهر في مناطق تعشش فيها الخطية. مع ذلك لم أشعر يومًا بالفرح ولا بالسلام، بل على العكس تمامًا ازدادت تعاستي وكآبتي وما كنت أعلم أنّ البعد عن الله هو السبب. على نحو مناقض للحقيقة، بدت صورتي أمام الناس حسنة في البداية. ولكن حين انكشف أمري، طلبت مني والدتي ألاّ أرتاد الكازينو في ما بعد
وتكفّل أهلي بمصروفي. ولكنهم كانوا يجهلون أنّني كنت قد زاولت مهنة المتاجرة بالمخدرات. كان لي كلّ ليلة موعد في مكان بالقرب من منزلي للعب البوكر. وعندما طفح كيل الملل عندي من هذه اللعبة وأردت الانغماس أكثر والرجوع إلى أيام الكازينو، قلت لزوجتي إن زيارتي للكازينو يوم الجمعة القادم ما هي إلا بسبب مبلغ من المال أريد استرجاعه هناك. إذ ذاك طلبت منّي أن أحضر الكنيسة قبل ذلك. هناك التقيت الكاهن - وأنا أصلّي أن يباركه الرب - طلب منّي أن أعترف، فأصرّت زوجتي على ذلك أيضًا. حينئذٍ بدأت أقول للكاهن: "لقد ارتكبت جميع الشرور ولكنني لستُ قاتلاً." فانتهرني مؤكِّدًا إنني غير مدرك لما أقوم به، إذ عليّ أن أتوب وأطلب من الرب قائلاً: "آتي إليك ضعيفًا وخاطئًا، وأنا بحاجة إلى قوَّة من لدنك كي تغيِّرني فأبتعد عن الخطيّة." وافقته الرأي،
وحين خرجت من الكنيسة، شعرت براحة لا أستطيع أن أصفها ونسيت زيارتي للكازينو. وبدلاً من التوجه إلى المعاملتين عدت إلى المنزل وقرأت الإنجيل طاعة لما قاله لي الكاهن، مدركًا أنّه ثمة شيء ينبغي أن أفهمه. أيُعقل أنني لا أعرف الإنجيل؟ فصارت كلمة الله تعمل فيّ من دون أن أشعر. وتدريجيًا صرت أرى أين أنا، وكأنني كنت في ظلمة وها النور يدخل. فأدركت أنني إنسان خاطئ جدًا، ذاهب إلى جهنم إذا استمررْت في طريق الشر. كنت أعتقد خطأ أنّ السماء ملك لي لأنني مسيحي على الهوية. ولكن بقدر ما كنت أقرأ الكتاب المقدَّس، كانت الراحة تغمرني وكأنني أتناول دواء. وفي يوم من الأيام، غسلني الرب بدمه الكريم، فبكيت بكاء الفرح. يومذاك لم أفهم ما الذي حصل معي، ولكن فيما بعد أدركت أنّ هذا الأمر هو "عملية الغسل"، أي عملية التطهير فصرت خليقة جديدة، تمامًا كما قرأت: "فإنه إذا كان أحد في المسيح، فهو خليقة جديدة: إنَّ الأشياء القديمة قد زالت، وها كلُّ شيء قد صار جديدًا." لم أكن أدرك يومًا فعاليَّة دم المسيح الذي يخلِّص الخاطئ واهبًا إياه الولادة الجديدة بالإيمان في شخص الرب يسوع المسيح. هذه هي القوَّة التي غيَّرتني ونقلتي من الظلمة إلى النور.