جو بريدي - من براثن العبودية إلى أحضان الحرية
حين كنت في الرابعة عشرة من عمري توفّي والدي انتحارًا، ما دفعني إلى التساؤل: "إن كان يوجد فعلاً إله، فكيف يسمح بحدوث أمر كهذا؟" بلغت العشرين حين تعرّفت بأناس ينادون بعدم وجود الله، وبطريقة ما هم يعبدون الشيطان. ابتدأت أقتنع بما يقولونه، فكانت أفكارهم تناسب حالتي وأسلوب تفكيري. وما زاد هذا المعتقد هو الكتب التي كنت أقرأها، ومغزاها أنّ الشيطان ممسك بزمام هذا العالم وهو المسؤول عن كلّ الأمور التي تحدث. بالنسبة إلي، كانت هذه النظرة واقعيّة.
فآمنت بهذا المذهب لدرجة أنني سلّمت حياتي ونفسي له وصار اللون الأسود هو السمة التي تجمعني مع أتباعِ هذا المعتقد. ابتدأت من عمر التاسعة عشرة أتعاطى المخدِّرات، حتى بلغت سن الثالثة والعشرين. كان من السخافة بالنسبة إليّ التفكير بجهنم. فبالنسبة إلينا كمجموعة، لم يكن الشيطان حتمًا يعيش في جهنَّم بل في العالم. كنا نؤمن أنّ جهنّم هي مرحلة ما نعيشها على الأرض. كثيرًا ما دخلنا المقابر وقمنا بالطقوس هناك. فنحن آمنّا أن المقبرة هي العالم الذي نحن ذاهبون إليه، لذا ينبغي أن نبدأ الاتصال به. كذلك حضَّرنا أرواحًا وتكلَّمنا معها وسمعنا صوتها، وشعرنا فعلاً بوجودها. اقتصر مجتمعي على هذا الفريق من الأشخاص البالغ عددهم حوالى العشرة، وقد عاشوا معًا، أما باقي العالم فلم يكن بموجود بالنسبة إليّ. لم أختبر الفرح في ذاك الجو، بل كان الشعور بالإحباط سائدًا طوال الوقت. هذا بالإضافة إلى أن تعاطي المخدرات يحطِّم النفسيّة، فدخلت عالمًا لم يكن من السهولة التخلّص منه، حيث لا يمكنني السيطرة على الأمور، بل كانت هي تتحكّم بي. فاستسلام المرء إلى هذا النوع من الأجواء وتأثيراتها، يجعل الرجوع أمرًا صعبًا لا يمكن التحكُّم به. وصلت إلى مرحلة بدأت فيها أيأس من حالتي، حيث إنني فقدت كلّ معنى للحياة. تزامنًا مع وضعي التعس تعرَّفت أختي بمجموعة من المسيحيين المؤمنين الذين يقومون بزيارات وسهرات في البيوت، وكانوا يزوروننا. دعوني لحضور احتفال BCAD في المنصورية. لم يكن في نيّتي الذهاب في اليوم الأول، ولكن في اليوم الثاني قصدت المكان لأتسلّى. أما في اليوم الثالث فبدأت أصغي إلى ما كان يجري، الأمر الذي أشعرني بالفرح الذي كان قد هجرني منذ أمدٍ بعيد. كنت آنذاك مدمنًا، أي مريضًا، ولم يكن باستطاعتي الجلوس طويلاً من دون مخدِّرات. لكن الغريب في الأمر هو أنّ الواعظ نظر إليّ وقال: "لو أراد لك الله أن تدخِّن، لكان خلقك مع مدخنة في رأسك." ففكَّرت في نفسي: إنّ الأمر ليس مسألة مدخنة، بل إن الله الذي خلقني يريد لي أن أكون سعيدًا ويقصد لي حياة أفضل من تلك التي أحياها. وهذه الهدية التي منحني إياها – الحياة – يريدها جميلة. لا أعلم ماذا صلّيت في تلك الليلة، لكن ما أعلمه هو أن تلك اللحظات كانت نقطة تحوّل وتغيير في حياتي. ووجدت نفسي في الأمام، يطوّقني شخص لا أعرفه بيديه بينما كنت أبكي وأصلّي. من تلك الليلة، قطعت علاقتي بأصدقائي القدامى، وشُفيت من المخدرات، وعدت إلى حياة طبيعية. رميت جميع الكتب والموسيقى التي كانت تربطني بمجموعة الظلام، وتخلّيت عن كلّ ما شدَّني إلى الماضي وسرت في طريق جديدة؛ طريق الرب. إنّ وعد الله هو أن أصبح ابنًا له وأنال الحياة الأبدية، فالرب يقول في الكتاب المقدَّس: "من آمن بي ولو مات فسيحيا." لذا أنا واثق بأنّ لي هذه الحياة، والحياة الفضلى في المستقبل معه. وهذا ليس بفضل مجهودي الخاص أو بأعمالي، بل بفضل عمل يسوع المسيح على الصليب لأجلي. فلأنه هو مات عني، أنا ذاهب إلى السماء. أنا لست بإنسان صالح كي أدخل السماء بقوَّتي الخاصة. لو أراد الله أن ينظر إليَّ لما وجد فيَّ سوى الخطية، وما كان ليستقبلني، ولكنني الآن مقبول بفضل يسوع المسيح وعمله الكامل على الصليب... لذلك أشكره لأنه قبِلني وغيَّرني بقوَّته العجيبة.